lundi 13 juillet 2009

قليلا من الجد !!! ( بصدد مقال، صدر بجريدة الموقف، تحت عنوان: الحزب الإشتراكي اليساري، إضافة للحرية أم دعم للموالاة)

قليلا من الجد !!!

(ردا على مقال: الحزب الإشتراكي اليساري، إضافة للحرية أم دعم للموالاة)

ظهر في الصفحة الثانية من جريدة الموقف، الصادرة بتاريخ 16 نوفمبر2007، مقال تحت عنوان: الحزب الإشتراكي اليساري إضافة للحرية أم دعم للموالاة، بقلم السيد سعيد السلامي، ونظرا لما تضمنه من مغالطات وأخبار زائفة بالجملة وجهل صارخ بالحياة السياسية ومنها الإطلاع على أطروحات الحزب المذكور ومواقفه ارتأينا كتابة هذه الأسطر، في إطار حق الرد، لوضع النقاط على الأحرف.

والجدير بالملاحظة هو أن جريدة الموقف لم تتفضل قط بالإخبار عن أنشطتنا ومواقفنا وتتحفظ عن ذكرنا في تحاليلها الرسمية، وهاهي تمنحنا مكان الصدارة وتتعامل معنا بسخاء عن طريق التشويه والإعلام الزائف والتأويل المغرض. فشكرا للموقف !!!

نصحّح المعطيات للسيد الكريم سعيد السلامي:

أولا: لقد كلّف المؤتمر التأسيسي للحزب الإشتراكي اليساري الرفاق الثلاثة: حسان التوكابري ونوفل الزيادي والمنصف الشريقي، يؤلفون لجنة من الهيئة التأسيسية مكلفة بمهمة الناطق الرسمي باسم الحزب. ولم تسند هذه الصفة للرفيق حسان فقط.

ثانيا: كان تقدّم بمطلب "التأشيرة" كل من الرفاق: حسان التوكابري ونوفل الزيادي وطارق شامخ ومحمد الكيلاني، ولم يكن الرفيق حسان وحده.

ثالثا: لم تحصل أي مقابلة بين الرفيق حسان التوكابري وأي مسؤول كان في وزارة الداخلية "لإتمام" ما ادعيتموه "بعض التراتيب الخاصة بإعطاء التأشيرة".

رابعا: لم يحضر الرفيق محمد الكيلاني في أي اجتماع رسمي أو غير رسمي لـ"لقاء الديمقراطي" ولم تنشر أي صحيفة خبرا بهذا المعنى.

خامسا: لم يتم إعلامنا بصورة رسمية أو غير رسمية بأننا قد نحصل على تأشيرة العمل القانوني بمناسبة 7 نوفمبر ولم نصرح بمثل هذا الخبر في أي وقت من الأوقات ولأي كان، وكل ما في الأمر هو أن الرأي العام كان يترقب أن يتم الإعلان على ما كان يتمناه من إجراءات، كل من موقعه. وهي حالة طبيعية تظهر مع حاجة النّاس إلى التغيير ولا شأن لنا ولأي كان بها.

نحن لا نلوم صاحب المقال على جهله بقواعد العمل الصحفي، بل نتوجه باللوم للسيد رئيس التحرير الذي سمح بتسرب مثل هذه المعلومات الخاطئة في الجريدة وهو الصحفي المحترف لحوالي ثلاثة عقود.

والجدير بالملاحظة أن ما قدمته جريدة الموقف، في المقال المذكور، من إعلام خاطئ للقراء هو من قبيل حديث المقاهي الذي لا يعرف الضوابط فيطلق العنان للخيال.

ومعضلة الحركة الديمقراطية في بلادنا تكمن فيما تكمن في كون عقلها التحليلي نزل إلى مستوى العقل العامي العاجز على التمييز والإستخلاص لمّا أصيب خيالها الثائر بالصدأ وتراجع إلى مستوى خيال متفرج كرة القدم.

توظيف تافه لخبر زائف وتأويل مغرض:

قدم السيد سعيد السلامي "خبرا" زائفا يزعم أن الرفيق محمد الكيلاني شارك في بعض جلسات "اللقاء الديمقراطي" الذي نشط حسب قوله بمناسبة "الإضراب المفتوح عن الطعام الذي شنته قيادة الحزب الديمقراطي التقدمي دفاعا عن مقرها المركزي". وختم خبره الزائف بإشارة إلى أن "هذا 'اللقاء' يتكون من الأحزاب الموالية للحكومة".

ومن الواضح أن الهدف من هذا التقديم والترتيب هو محاولة لتمرير فكرة، عن طريق الإيحاء والإستنتاج "المنطقي" الذي يجرّ إليه القارئ، مفادها أن الحزب الإشتراكي اليساري هو حزب "موالاة".

وقد أكّد محاولته تلك بإشارته المغرضة لانطباع "العديد من المراقبين" حول "المشاركة المحتشمة" للرفيق طارق الشامخ في "الندوة التي نظمتها حركة التجديد"، الذي أتى مناقضا كليا لتفاعل القاعة مع مداخلة الرفيق ولتفاعل مناضلي "المبادرة الديمقراطية" الذين وجدوا فيها تثمينا لجهودهم ودورهم وإسهامهم وتحفيزا على مواصلة المشوار. ونسي، أو لنقل أن صاحب المقال لم يكن يعلم، أننا كنا إلى جانب حزب العمل الوطني الديمقراطي، من بين منظمي هذه الندوة. ولا نلومه على تجاهل حضورنا وكلمتي الرفيقين نوفل الزيادي ومنصف الشريقي.

ونود أن نشير لصاحب المقال وللمسئولين على جريدة الموقف أنكم لم تكونوا في حاجة إلى الإعلام المزيف وتوظيفه بصورة مغرضة للحكم على سياسة حزبنا ومجمل توجهاته، لأن أدبنا منشور ومواقفنا معروفة من الأوضاع السياسية في بلادنا ومن مختلف القوى والبرامج والتحالفات وكنّا جادلناكم في الأمر على رؤوس الملأ حولها ولم نلتجئ قط معكم ومع أي كان إلى أسلوب الإفتراء والتشويه المغرض لرفض هذه السياسة أو تلك ومعارضة هذا التحالف أو ذاك.

نوضح للسيد سعيد السلامي:

أولا: إن تأسيس الحزب الإشتراكي اليساري لم يكن حادثا عرضيا بل أتى تتويجا لمسار طويل من البلورة الفكرية والنظرية والسياسية. وقد نشرنا أكثر من ستين كرّاس تناولت مواضيع شتى وختمنا هذه المرحلة بوضع الأسس العامة لبرنامج الحزب وضبط المحاور العامة البديلة. وهو عمل أهلنا للمرور إلى البحث في البدائل والمقترحات الملموسة.

وما قدمناه من أعمال، بما فيها تلك التي نتباين فيها مع حزب العمال والحركة الإسلامية، لا يمكن اعتبارها البتة تحديدا للذات بالسلب "في مواجهة الأخ اللدود...والعدو اللدود..." بل كانت محاور صراع فكري وسياسي بين مشاريع مجتمعية مختلفة وأنماط حكم متناقضة وبرامج سياسية متعارضة وشعارات وأساليب نضال وتحالفات لا جامع بينها.

إن أخلاقيات العمل الصحفي والنزاهة التي ينبغي أن يتحلى بها المثقف في نقل المعلومة أو نقدها أو تقديمها يفرضان عليك العودة إلى تلك الأعمال ومجادلتها للحكم على هذا الحزب أو له. وعلى ما يبدو أن عداءك له هو الذي جعلك تنحى هذا المنحى، فلأننا مؤمنون بقيم ومبادئ النظام الجمهوري ومدافعون عن الجمهورية ومناهضون للمشروع الإستبدادي باسم الدين الذي تعمل الحركة الإسلامية على فرضه على مجتمعنا ولأننا معارضون لدعوة حزب العمال "لوحدة العمل" مع الإسلاميين ولـ"18أكتوبر" ولأننا نرفض الإنخراط في تحركات ومشاريع سياسية لا نعلم دوافعها وأغراضها الحقيقية، رسمتها قوى نصبت نفسها "وكيلة" على الشعب التونسي وقواه الديمقراطية والتقدمية وساندتها أخرى لا يعلم أغراضها إلا الله، يصنفنا "أهل الحل والعقد" في "النضال الديمقراطي" بـ"الموالاة" ويضعوننا في هذه الخانة أو تلك وفي هذه المعادلة أو تلك؟؟!!

وثانيا: لم يكن الحزب الإشتراكي اليساري، سيدنا الكريم، انشقاقا على حزب العمال لأنه لم يتشكل قط كتكتل داخله وأن الأغلبية الساحقة لمناضليه لا علاقة لهم به لا من قريب ولا من بعيد. وزيادة على ذلك فإن الخلافات التي كانت ظهرت في النصف الأول من التسعينات والتي لم تجد طريقها إلى الحل والتي انتهت باستقالة الرفيق محمد الكيلاني من الحزب وتخلي القيادة على عدد من المناضلين والإطارات لموقفهم من كيفية التعامل مع الأزمة، لا علاقة لها بالأطروحات والتوجهات البرنامجية التي تأسس على قاعدتها الحزب الإشتراكي اليساري ولم تكن مثلت قط الأساس الذي تجمعت حوله حلقة الشيوعيين الديمقراطيين.

ومما لا شك فيه أن هذه المجموعة كانت ظهرت لأول مرّة، في شكل هلامي، خلال سنة 1999-1998، بمشاركتها في تأسيس منتدى الموقف. ولم تتشكل رسميا كحلقة للشيوعيين الديمقراطيين إلا في ديسمبر 2003.

وإذ نؤكد على هذه المعطيات فلأن جذور الحزب الإشتراكي اليساري لم تكن متولدة على انشقاق عن حزب العمال، بل بلور عدد من المناضلين الذين شاركوا في تجربة حزب العمال أطروحات جديدة لا علاقة لها بالصراع الذي قابلهم بقيادة الحزب آنذاك ولم يبحثوا قط على اقتسام أي شيء معها في أي مجال، لأنهم كانوا على قناعة تامة بأن الأمر لا يتعلق بتجربة حزب العمال وبالمبادئ والبرنامج الذي يقوده، بل بالتجربة الشيوعية والإشتراكية العالمية برمتها، لذلك رفضوا الدخول في متاهات الصراع على "الورثة" ولم يتشكلوا ككتلة ولم يمثلوا انشقاقا على حزب العمال، وأن نعتهم بالكتلة كان من قبيل المناوأة والصراع غير النزيه والإيحاء بالسلبية حيالهم بهدف محاصرتهم ومحاولة الإجهاز عليهم.

ورغم كل الصعوبات التي لاقوها، من جراء حملات التشويه التي تعرضوا لها، وجهوا جلّ طاقاتهم، منذ مطلع النصف الثاني من تسعينات القرن الماضي، للبحث في التجربة الشيوعية والإشتراكية العالمية. وتوصلوا إلى استخلاصات جوهرية حول العديد من القضايا النظرية تتعلق باللينينية وبالستالينية حول الحزب والدولة والإشتراكية والديمقراطية البروليتارية وغيرها، كما توصلوا إلى استخلاص من خلال تقييمهم للتجربة الإشتراكية يؤكدون فيه أن هذه التجربة لم تخرج في الأساس عن المنظومة الرأسمالية في أسلوب حكمها وفي مشروعها الخاص بالتنمية الإقتصادية والبشرية.

وثالثا: إن الحزب الإشتراكي اليساري لم يستمد قط مشروعية وجوده من مكانته في الحركة الطلابية وفي الإتحاد العام لطلبة تونس ولم يستعمله في أي لحظة من لحظات وجوده – الهلامي أو الحلقي أو الحزبي- في الموازنات السياسية وفي "الضغط على السلطة" للحصول على تأشيرة العمل القانوني أو أي نوع من الإمتيازات، بل تعامل معه باعتباره منظمة شبابية نقابية لها استقلاليتها ومجال نشاطها الخاص بحيث لم يسعى إلى جرّها للدخول في الدخول في تحالفات كان طرفا فيها ولم يفرض عليها مواقفه توجهاته السياسية الخاصة، بل احترم هويتها الوطنية والديمقراطية والتقدمية ودافع عنها. و"حافظ على الشقف" لتيسير تأطير الشباب الطلابي وفتح مجال تحمل المسؤولية أمامه باعتباره مواطن في مجتمعه ويمثل عماد البناء المستقبلي لبلاده.

وإيمانا من مؤسسي الحزب الإشتراكي اليساري بأن كسب الشرعية في الساحة السياسية لا تعني التعسف على أطر المجتمع المدني من خلال حملها على تجاوز مجالات اختصاصها وتبني أطروحات وأساليب عمل ونضال وشعارات حزبية، بل بالتوجه مباشرة إلى العمل في الحقل السياسي. لذلك كانوا شركاء في الحياة السياسية، حتى قبل أن يتشكلوا كحلقة، حيث أسسوا، بمعية ما تبقى من قيادة "التجمع الإشتراكي" آنذاك وبعض المستقلين كان من أبرزهم الرفيق صالح الزغيدي، منتدى الموقف، في زمن عزّ فيه العثور على من يقدم على تحمل المسؤولية. وكما هو معلوم فقد كان لهذا المنتدى دور كبير في استنهاض القوى عن طريق عقد الندوات وإصدار جريدة الموقف، رغم البدايات المحبطة التي لم نكن قادرين فيها على تجميع الـ30 نفرا في الندوات الأولى. لكن تطوّر عدد الحضور حيث تجاوز لاحقا سقف الـ50 فالمائة.... وكنّا توصلنا، في 1جويلية 2000، إلى عقد ندوة وطنية جمعت ما يزيد عن الـ300 إطار من إطارات الحركية الديمقراطية. وقد صدر عن هذه الندوة بيان، كان بإمكانه أن يتحوّل إلى أرضية جامعة للحركة الديمقراطية لو لم تتم مراجعة بندين، بصورة غير مشروعة من قبل الأمين العام للتجمع الإشتراكي وبعض العناصر التي ساندته، يتعلقان بالمساواة بين المرأة والرجل وبالموقف من الحركة الإسلامية. وعند هذا الحد توقفت تجربة المنتدى.

وكان لرفاقنا، في مختلف مراحل هذه التجربة، دور لا يمكن لأحد نكرانه.

وبما أن تجربة المنتدى شملت الإشراف على إصدار جريدة الموقف. فقد كان الرفيق محمد الكيلاني تحمل مهمة رئاسة تحريرها. لكنّ عبئها الأكبر نزل عليه، إلى حدود عودة رئيس تحريرها الرسمي التي تزامنت تقريبا مع ميل قيادة التجمع الإشتراكي إلى إيقاف هذه التجربة.

وكنّا شاركنا في إطار قائمات إئتلافية مع "التجمع الإشتراكي" في الإنتخابات التشريعية لسنة 1999وساهمنا في مناقشة البيان الإنتخابي مع رؤساء القائمات ثمّ في الجلسات التقييمية على إثر الإعلان عن النتائج.

ولا نظن، سيدنا الكريم، أن مساهماتنا تلك، على تواضعها، كانت موجودة خارج حقل الفعل السياسي الإيجابي، أو أنها لم تعكن معلوم لدى قادة الحزب الديمقراطي التقدمي ولدى السّاهرين على حظوظ جريدة الموقف !!!.

ولا نظن أيضا أن قادة هذا الحزب قد نسوا بعد بأننا كنّا شركاء في تأسيسه وتحمّلنا دورا لا يستهان به في الإعداد السياسي والعملي للمؤتمر بما في ذلك جوانبه اللوجيستية والإستعراضية، وبورصة الشغل شاهدة على ذلك. ولا نظن أن الأمين العام آنذاك قد تناسى أنه هو الذي أقدم على تغيير موقف الحزب من العلاقة بالحركة الإسلامية، بصورة أحادية، وهو الموقف الذي اعتبرناها مسّ بطبيعة الحزب الديمقراطية والتقدمية وأنهى تجربتنا فيه. وكان رفاقنا في المكتب السياسي واللحنة المركزية قد أصدروا بيانا للرأي العام شرحوا فيه كل هذه المعاني ووضحوا دواعي انسحابهم.

نواصل التوضيح:

ومع خروج الرفاق من الحزب الديمقراطي التقدمي أسسنا، في ديسمبر 2003، حلقة الشيوعيين الديمقراطيين التي أخذت على عاتقها مهمة تأسيس حزب شيوعي جديد، بعد أن تخلّصت من فكرة تمثيل الطبقة العاملة بحزب شيوعي واحد.

وشاركنا على التوّ في النقاشات التأسيسية للمبادرة الديمقراطية وساهمنا بقسطنا في وضع برنامجها وفي تكوين قائماتها الإنتخابية وحملاتها الدعائية، والمبادرون شهود على الدور الذي تحملناه. كما شاركنا في الإنتخابات البلدية. ولم تثنينا الصعوبات، سواء كانت الموضوعية أو الذاتية منها على تحمل مسؤولياتنا كاملة حيث أننا لم نجنح إلى الحلول السّهلة بالدعوة إلى المقاطعة أو الإعلان على عدم شرعية الحكم والحديث عن فريق حكومي أو المناداة بمجلس تأسيسي أو ما إلى ذلك من الشعارات الرنانة وغير الواقعية التي يعبر بها أصحابها على أقصى معارضتهم للنظام القائم، باسم الدفاع عن الديمقراطية ومناهضة الإستبداد، في الوقت الذي كانوا فيه من أشرس المدافعين عن أصحاب المشاريع الإستبدادية القروسطية المتسترين بالدين.

فهل هذا يعد غير كاف، سيدنا الكريم، كي تتفضل بمنحنا تأشيرة دخول الساحة السياسية باعتبارنا حزب صاحب مشروع يميزه عن غيره، حتى وإن خالفتمونا في الرأي؟

ألا تعتقدون أن آراء هذا الحزب ومواقفه نظريته الخاصة والأسس العامة لبرنامجه موجودة في الواقع خارج المعادلات الإفتراضية التي رسمتموها؟

إن المنهجية الإنتقائية، المبنية على الزور والتي لا تتقيد بالأخلاقيات الصحفية ولا بالنزاهة والموضوعية التي يتطلبها النقد والبحث العلمي، التي اتبعتموها للإجابة عن السؤال الذي طرحتموه: هل أن الحزب الإشتراكي اليساري "إضافة للحرية أم دعم للموالاة"؟، هي التي جعلتكم تتجاهلون كل تلكم الحقائق وهي التي جعلتكم تحاولون تقزيم وجودنا السياسي من خلال حصر دور حزبنا في التباين السلبي مع "الأخ اللدود" ومع "العدو اللدود" وحصر مجاله في "الهيمنة على جهاز أجوف" يمثله الإتحاد العام لطلبة تونس، وكأننا بكم تريدون القول أن مكونات المجتمع المدني السياسية والجمعياتية بخير والحمد لله لو لم يوجد هذا الكائن الطفيلي الداعم للموالاة !!!.

عفوا سيدنا الكريم !!! إننا لسنا غرباء على هذه البلاد، نحن نعرف واقع الجمعيات والمنظمات والحركات والأحزاب السياسية السماوية والأرضية والتحت أرضية ونعرف تصورات زعمائها وتمشيهم السياسي الشخصي والعام. كما أننا نعرف جميع الأطروحات بأخص خصائصها وتلوناتها.

لذلك لم يكن انتصارنا لقضية الديمقراطية عبثيا، بل أتى مؤسسا على معارضة نمط الحكم القائم وعلى التباين الواضح مع المشاريع الإستبداد العلمانية أو المتسترة بالدين، لأننا مؤمنون بقيم ومبادئ النظام الجمهوري الديمقراطية ولأننا مدافعون صميمون عن الجمهورية ضد الإرتداد.

ولذلك رفضنا التحالف مع الحركة الإسلامية ولم نقبل بتكتيك "وحدة العمل" معها.

سيدنا الكريم، إن تموقعنا ذاك من قضية الديمقراطية في بلادنا هو الذي يحكم إلينا أو علينا وهو الذي يجعلنا نمثل "إضافة للحرية أم دعم للموالاة"، وتأكد بأننا لا نأبه "بالتنبير" وبالعامّية في السياسة.

واسمح لنا بلفت نظرك إلى أن السلطة ليست في حاجة للنصح من قبل أي كان، فهي تعرف واقعنا أكثر منّا لما لها من خبراء ومختصين وأجهزة كافية وزيادة لمعرفة حالة تطور مختلف الظواهر في المجتمع.

وختاما، نتوجه بدعوة للحركة الديمقراطية كي تعمل على إرساء أخلاقيات للعمل السياسي الجاد الذي يرفع مكانتها أمام الشعب ويجعلها مسئولة على كل ما تقول وما تفعل، قبل أن تبحث على زعامته وكأنها "مهديه المنتظر". وذلك لأن الوضع داخلها ازداد سوء على سوء من جراء القلقلة والتحاليل المبنية على أساسها. والأخطر من ذلك هو أن العديد من أوساطها تحاول إعادة صياغة الأحداث والوقائع على هواها محاولة منها فسخ خصومها من التاريخ الواقعي للحياة السياسية في بلادنا. وهو سلوك كان استهدفنا من قبل البعض في تجربتي منتدى الموقف والمبادرة الديمقراطية. ويحاول اليوم السيد سعيد السلامي ومن يقف وراءه فسخنا من الوجود السياسي. وهي ممارسة شنيعة تعرض لها المناضل اليساري المعروف صالح الزغيدي حيث تمّ تجاهلها تماما في العرض الصحفي الذي قدمته الموقف حول ندوة 28 أكتوبر.

كما ندعو الحركة الديمقراطية، بكل إلحاح، للخروج من العالم الإفتراضي الذي لا يخضع لأي أخلاقيات والعودة للعالم الواقعي الذي هو في حاجة إلى الإرتقاء بأخلاقياته، وفتح حوار ساخن بين مختلف مكوناتها حول أمهات القضايا للفصل فيها وضبط قواعد تعامل جديدة قائمة على القبول بحق الإختلاف والتعامل بموضوعية مع المشاريع والآراء المختلفة، وتحديد القواسم المشترك للحد الأدني الديمقراطي الذي لا ينزل تحت سقف تبني قيم ومبادئ النظام الجمهوري والدفاع عن "الجمهورية الديمقراطية" لقيام قطب ديمقراطي وتقدمي معارض يتباين بوضوح مع مشروع المعارضة الإسلامية الذي لا يمثل بأي حال بديلا ديمقراطيا ولا هو تأصيلا لمبادئ وقيم النظام الجمهوري، بل هو مشروع استبدادي باسم الدين لا أكثر ولا أقل.

تونس في 20 نوفمبر 2007

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire